دوى في أذني ذلكَ الصوتُ... صوتٌ لم اسمعه , صوتٌ قرأته صوتٌ وعيته صوتٌ شعرتُ به ... إنه نداءُ استغاثة.


استغاثة قلبٌ يستنكر.. استغاثة عقلٌ يسأل : لمَ لا يحيا الناس كما تحيا الطبيعة ؛ شمسٌ تشرق ويومٌ ينشق فجره يبعث أملاً .. يبعث نشوةً.. يبعث هدفاً سهل المنالِ .


إنها استغاثةُ ملاكٍ, أو ربما يكونُ إنسانٍ, لكنه الإنسانُ الصحيحُ في المكانِ الخاطئ, إنسانٌ يحلمُ بحياةِ المدينةِ الفاضلةِ, إنسانٌ يبني قصوراً في الهواءِ .. فمنْ قال أن الطبيعةُ لا تقسوا أحياناً على رعاياها ؟؟ منْ قال أن الناسَ قديماً لم يكونوا جزراً منعزلةٍ عن بعضها تربطُ بينها إما سفنُ سلامِ أو أساطيلُ حربِ ؟؟


الأنانيةُ..إنها ليستْ صفةٌ جديدةٌ ولدتْ في عصرٍ حديثٍ.. إنها ليستْ شيمةٌ دخيلةٌ أُلصقتْ بالإنسانِ . إنها خلقتْ معه وتطورتْ بداخلهِ وستظلُ ما بقيَ الإنسانُ واستمرَ الزمانُ .


إنه لحلمٌ جميلٌ أن نعيشَ في تلك المدينةِ الفاضلةِ, ولكنى اعتقدُ أنها ستكونُ خاليةًً تسكنها الأشباحُ ولا يقتربْ منها إنسانٌ وسيتربع حارسها ذلكَ الملاكُ الطيبُ وحيداً أو أن يهجرَ مدينته وينضمَ إلى معمعةِ الحياةِ .. يرى الطيبةَ في أعينِ الذئابِ , ويرى الحبَ في قلوبِ اللئامِ , ويرى الحنانَ في أحضانِ الأشواكِ .



سيظلُ يرى الوجودَ جميلاً حتى يصطدمَ بجدرانِ الواقعِ.. وتتهاوى قصورهُ التي أمضى حياتهُ يَبنِيها في هواءِ الأحلامِ حيث تكشفُ تلك الأحلامُ عن أنيابها التي كانتْ تُخفيها تحتَ اسم الأملِ.


وسَتُسوى مدينتهُ بالأرضِ بسبِ زلزالُ الحقيقةِ الذي هزَ قواعدها ... وتكونُ النهايةِ: إما أن يتحولَ الإنسانُ الملاكِ إلى إنسانِ يكرهُ يحقدُ ,, أو أن يرقدَ في سلامِ على أملِ أن يتجددَ العهدِ وتصبحَ مدينتهُ مأهولةَ بالسكانِ .


ويكون الصوتُ في هذهِ الحالةِ هو صرخةُ ملاكٍ يحتضرُ
تَمتْ